الوصف
سنين نامان، العدد 12
حسين فؤاد في مأوى معسكر طريق الرحيل، سمرقند، أوزباكستان 2024.
قبل ثلاث سنوات، بدأت رحلتي العملية في مجال السياحة والمغامرة كمدير تشغيلي وميداني، وهو مجال مليء بالإثارة للابتعاد عن روتين الحياة اليومية المملة. خلال هذه السنوات كانت الحركة والمرونة تمثل جزءًا أساسيًا من حياتي العملية، فتجدني أحيانًا في صحراء نيوم أو بين جبال العلا أتابع سير العمل لضمان سير الأمور بشكل مثالي. هذا النوع من العمل يتطلب مني مهارات اجتماعية عالية للتواصل الفعّال، وتجارب عملية للتعامل مع المخاطر واختيار أفضل المسارات. خلال كل مشروع عملت عليه، كنت أضطر لإرتداء «قبعات» متعددة، مما يجعلني أشعر بالإمتنان لتفادي الرتابة التي قد يعاني منها الكثير في بيئات العمل التقليدية.لقد كانت هذه التجربة مليئة بالتحديات الممتعة، فقد وجدت نفسي أمارس ما أحب، كانت هذه نعمة كبير، إلا أن النعم أحيانًا تأتي مع ثمن..
حسين فؤاد في أحد المشاريع في نيوم، السعودية.
Text Linkمع مرور الوقت، لاحظت تغيرات كثيرة في حياتي. علاقاتي الاجتماعية قد تراجعت، والوقت الذي كنت أخصص لعائلتي وأصدقائي أصبح يتقلص شيئًا فشيئًا. حتى الرياضة، التي كانت جزءاً مهمًا من حياتي، أصبحت لا أستطيع ممارستها بانتظام! كل هذا دفعني لإعادة التساؤل في معنى النجاح.
حسين فؤاد وزملاءه في العمل، السودة، السعودية.
Text Linkعلى الرغم من متعة العمل والاستمتاع به، بدأت أشعر أني أبتعد عن أهم الأمور في حياتي: عائلتي، أصدقائي، وصحتي، والجزء الأكبر هو شعوري بالابتعاد عن الجانب الديني، ما تركني ضائعًا للبحث عن المعنى.
حسين فؤاد يجلس متأملًا في غروب الشمس، نيوم، السعودية.
Text Linkحاولت البحث عن إجابة لهذا التساؤل حتى يحل معضلتي، فقد نرى أناسًا ناجحين في عملهم، مخلصين في صلاتهم، وقريبين من أسرهم. ولكن في الغالب، هناك جزء ناقص في هذه المعادلة، هذا النقص قد يظهر في إهمال للصحة، أو العلاقات الاجتماعية خارج دائرة العائلة، مما يجعل الميزان في اختلال وتذبذب لا نهاية له. وخلال بحثي وجدت أن المحيط الذي كنت أعيش فيه لا يشجع من الأصل على إيجاد الحل لهذه المعضلة. فعند نهاية المطاف، نجد أنفسنا محاصرين بين متطلبات الحياة المهنية وضغوطاتها وبين الحاجات الروحية والجسدية.
تجربة أحد مسارات التسلق، السودة، السعودية
Text Linkأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورًا مهمًا في حياتنا بشكل يستحيل تجنبه، فدورها أصبح متداخلًا في العديد من الجوانب الحياتية؛ منها الشخصي ومنها العملي.
وجدت في كثير من الأحيان أنه يصعب علي الموازنة بين التركيز على ما هو مهم في مسار حياتي خلال هذه اللحظة، وبين ما هو مثير ومنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي. فقد أصبحت هذه المنصات تستنزف الكثير من وقتي وتتحكم في ما أراه وأطمح إليه. فبدلًا من أن أتبنى مسارًا بطيئًا ومدروسًا نحو أهدافي، أشعر أحيانًا بالضغط لتحقيق النتائج بشكل سريع وبتوجيه غير واعٍ لما هو مفيد ومناسب لي. أدركت فالأخير أن هذا التأثير قد يعميني عن رؤية الطريق الصحيح.
بالنسبة لي هو ليس مجرد قرار بالابتعاد عن المشتتات فحسب، ولكن خطوة أولى للعودة إلى الأساسيات. خلال الطريق سيكون التركيز على إعادة التساؤل في إمكانية التوازن بين العمل، العبادة، والصحة؟ وفي ما إذا كانت هي حقيقة يمكن العمل بها؟ أم خيال يستحيل الوصول إليه؟بدأت حينها في التواصل مع استوديو نامان للبحث عن آليات وممارسات لتصميم معسكر خاص يمهد الطريق نحو الإجابة لهذه التساؤلات.
بداية طريق الرحيل
Text Link
«الحاجة هي جذر القيمة المضافة»
تعتمد معرفة القيمة المضافة على حسب حاجة المستفيد منها، فـ ليس بالضرورة أن يكون ما نتوقعه كخدمة أو تجربة جيدة أن تكون قيمة مضافة بالنسبة للمستفيد. ومثال ذلك: عند الدخول إلى مكان يقدم الأطعمة، فحاجتك ورغبتك الأولى هي تناول الطعام، لكن النادل يسهب بالشرح والوصف ظنًا منه أن هذا من الإحسان والإتقان، فينقلب هذا الإحسان والإتقان إلى حالة إزعاج وتضييع للوقت لدى الزبون. وهذا مانعرفه بـ «الحاجة هي جذر القيمة المضافة»، وليست ما نؤمن أنه قيمة مضافة.
حسين فؤاد مستعد للإقلاع لسمرقند لبدأ المعسكر.